1- أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ
مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـل
ُبنو الأم :
الأشقاء أو غيرهم ما دامت تجمعهم الأم ، واختار هذه الصِّلةلأنًها
أقرب الصِّلات إلى العاطفة والمودَّة . والمطيّ : ما يُمتَطى منالحيوان،
والمقصود بها، هنا، الإبل. والمقصود بإقامة صدورها: التهيؤللرحيل.
والشاعر يريد استعدادهم لرحيله هو عنهم لا لرحيلهم هم ، وربماأشار
بقوله هذا إلى أنَهم لا مقام لهم بعد رحيله فمن الخير لهم أن يرحلواوالميل
هنا أفعل لرغبته الميل لقوم غيرهم .
2- فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
حُمَّت: قُدِّرتْ ودُبِّرت. والطِّيَّات: جمع الطِّيَّة ، وهي
الحاجة،وقيل: الجهة التي يقصد إليها
المسافر. وتقول العرب: مضَى فلان لطيَّته، أيلنيّته
التي انتواها. الأرْحل: جمع الرحل، وهو ما يوضَع على ظهر البعير. وقوله:"
واللَيل مقمِر " كناية عن تفكيره بالرحيل في هدوء ، أو أنه أمر لايُراد
إخفاؤه. ومعنى البيت: لقد قُدِّر رحيلي عنكم ، فلا مفرّ منه ،فتهيؤوا
له .
3- وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
المَنأى
: المكان البعيد. القِلى: البغض والكراهية. والمتعزِّل: المكانلمن
يعتزل الناس. والبيت فيه حكمة: ومعناه أن الكريم يستطيع أن يتجنبالذلّ
، فيهاجر إلى مكان بعيد عمَّن يُنتظر منهم الذلّ ، كما أن اعتزالالناس
أفضل من احتمال أذيتهم.
4- لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌعلى امْرِىءٍ سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ
لعمرك: قَسَم بالعمر. سرى: مشى في الليل. راغباً: صاحب رغبة. راهباً:
صاحبرهبة. والبيت تأكيد للبيت السابق ،
ومعناه أن الأرض واسعة سواء لصاحبالحاجات
والآمال أم للخائف.
5- وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ
عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ
دونكم:
غيركم. الأهلون : جمع أهل. السِّيد: الذئب. العملَّس: القويّالسَّريع.
الأرقط: الذي فيه سواد وبياض. زُهلول: خفيف. العرفاء: الضبعالطويلة
العُرف. جَيْئَل: من أسماء الضبع. والمعنى أن الشاعر اختارمجتمعاً
غير مجتمع أهله ، كلّه من الوحوش ، وهذا هو اختيار الصعاليك.
6- هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
هم الأهل أي الوحوش هم الأهل ، فقد عامل الشاعِرُ الوحوشَ معاملة
العقلاء، وهو جائز. وقوله: "هم الأهل " بتعريف المسنَد ، فيه
قَصر ، وكأنَه قال: هم الأهل الحقيقيّون لا أنتم .
والباء في " بما " للسببية. والجاني: المقْترف
الجناية أي الذنب. جرَّ : جنى . يُخْذَل: يُتَخلّى عن نصرته. والشاعر
في هذا البيت يقارن بين مجتمع أهله ومجتمع الوحوش ، فيفضل هذا علىذاك
، وذلك أن مجتمع الوحوش لا يُفْشِي الأسرار، ولا يخذل بعضه بعضاًبخلاف
مجتمع أهله.
7- وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
وكلٌّ: أي كل وحش من الوحوش التي ذكرتها. أبيّ: يأبى الذّلَّ والظلم. باسل:
شجاع بطل. الطرائد: جمع الطريدة ، وهي كل ما يُطرد فيصاد من الوحوشوالطيور.
أبْسَل: أشَدّ بسالَةً. والشاعر يتابع في هذا البيت مدح الوحوشفيصفها
بالبسالة ، لكنه يقول إنّه أبسل منها.
8- وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ
لَمْ أكُـنْ بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
الجَشع: النَّهم وشدَّة الحرص . وفي هذا البيت يفتخر الشاعر بقناعته
وعدمجشعه ، فهو، وإنْ كان يزاحم في صيد
الطرائد ، فإنه لا يزاحم في أكلها.
9- وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ
تَفَضُّـلٍ عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
ذاك: كناية عن أخلاقه التي شرحها. البسطة: السعة. التفضُّل: ادّعاء
الفضلعلى الغير ، والمعنى أنَّ الشاعر
يلتزم هذه الأخلاق طلباً للفضلوالرِّفعة.
10- وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ
جَازِيَاً بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
التعلّل: التلهِّي ، والمعنى: ليس في قربه سلوى لي ، يريد : أني
فقدتُأهلًا لا خير فيهم ، لأنهم لا
يقدِّرون المعروف ، ولا يجزون عليه خيراً ،وليس في
قربهم أدنى خير يُتَعلّل .
11- ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ : فُـؤَادٌ
مُشَيَّـعٌ وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ
المُشيَّع: الشجاع. كأنَّه في شيعة كبيرة من الناس . الإصليت:
السَّيفالمُجرَّد من غمده. الصفراء: القوس
من شجر النَّبع. العيطل: الطويلة. والمعنى أن
عزاء الشاعر عن فقد أهله ثلاثة أشياء: قلب قويّ شجاع ، وسيفأبيض
صارم مسلول ، وقوس طويلة العنق .
12- هَتُـوفٌ مِنَ المُلْـسَِ المُتُـونِ
تَزِينُـها رَصَائِعُ قد نِيطَـتْ إليها وَمِحْمَـلُ
هتوف: مُصَوِّتة. الملس: جمع ملساء ، وهي التي لا عُقَد فيها.
المُتون: جمع
المتن ، وهو الصُّلب. والرصائع: جمع الرصيعة ، وهي ما يُرصَّع أييُحلَّى
به. نيطت: عُلِّقت. المِحْمَل: ما يُعلَّق به السيف أو القوس علىالكتف.
والشاعر في هذا البيت يصف القوس بأنّ لها صوتاً عند إطلاقها السهم، وبأنَّها ملساء لا عُقد فيها تؤذي اليد ، وهي
مزيَّنة ببعض ما يُحلَّىبها ،
بالإضافة إلى المحمل الذي تُعلَّق به.
13- إذا زَلََّ عنها السَّهْـمُ حَنَّـتْ
كأنَّـها مُـرَزَّأةٌ عَجْلَـى تُـرنُّ وَتُعْـوِلُ
زلّ: خرج. حنين القوس: صوت وترها. مُرزَّأة: كثيرة الرزايا (المصائب). عَجْلى:
سريعة. تُرنّ: تصوِّت برنين ، تصرخ. تُعول: ترفع صوتها بالبكاءوالعويل.
والمعنى أن صوت هذه القوس عند انطلاق السهم منها يشبه صوت أنثىشديدة
الحزن تصرخ وتولول.
14- وَأغْدو خَمِيـصَ البَطْن لا
يَسْتَفِـزُّنيِ إلى الزَادِ حِـرْصٌ أو فُـؤادٌ مُوَكَّـلُ
خميص
البطن ضامره ، يستفزّني : يثيرني . الحِرْص : الشَّرَه إلى الشيء والتمسّك به.
15- وَلَسْـتُ بِمِهْيَـافٍ يُعَشِّـي
سَوَامَـهمُجَدَّعَـةً سُقْبَانُهـا وَهْيَ
بُهَّـلُ
المهياف:
الذي يبعدبإبله طالباً المرعى على غير علم ،
فيعطش. السوام: الماشية التي ترعى. مجدَّعة:
سيئة الغذاء . السُّقبان: جمع سقْب وهو ولد الناقة الذكَر. بُهَّل:
جمع باهل وباهلة وهي التي لا صرار عليها (الصِّرار: ما يُصَرّ بهضرع
الناقة لئلا تُرضَع ). يقول: لستُ كالراعي الأحمق الذي لا يُحسن تغذيةسوامه،
فيعود بها عشاءً وأولادها جائعة رغم أنها مصرورة. وجوع أولادهاكناية
عن جوعها هي، لأنها، من جوعها، لا لبن فيها، فيغتذي أولادها منه.
16- ولا جُبَّـأٍِ أكْهَـى مُـرِبٍّ
بعِرْسِـهِ يُطَالِعُهـا في شَأْنِـهِ كَيْفَ يَفْعَـلُ
الجُبّأ: الجبان. والأكهى: الكدِر الأخلاق الذي لا خير فيه ، والبليد. مُرِبّ:
مقيم ، ملازم . عرِسه: امرأته. وملازمة الزوج يدلّ على الكسلوالانصراف
عن الكسب والتماس الرزق. وفي هذا البيت ينفي الشاعر عن نفسهالجبن
، وسوء الخلق ، والكسل ، كما ينفي أن يكون منعدم الرأي والشخصيةفيعتمد
على رأي زوجه ومشورتها.
17- وَلاَ خَـرِقٍ هَيْـقٍ كَـأَنَّ
فــؤادَهُ يَظَـلُّ به المُكَّـاءُ يَعْلُـو وَيَسْفُـلُ
الخرق: ذو الوحشة من الخوف أو الحياء والمراد، هنا، الخوف. والهيق: الظْليم
(ذكَر النعام)، ويُعرف بشدّة نفوره وخوفه. والمُكّاء: ضرب منالطيور.
والمعنى: لست مِمَّن يخاف فيقلقل فؤاده ويصبح كأنّه معلّق في طائريعلو
به وينخفض.
18- ولا خَالِــفٍ دارِيَّــةٍ مُتَغَــزِّلٍ
يَـرُوحُ وَيغْـدُو داهنـاً يَتَكَحَّـلُ
(18) الخالف:
الذي لا خير فيه. يقال: فلان خالفة (أو خالف) أهل بيته إذا لم يكنعنده
خير. والدَّاريّ والداريّة: المقيم في داره لا يبرحها. المتغزّل: المتفرّغ
لمغازلة النساء. يروح: يسير في الرواح، وهو اسم للوقت من زوالالشمس
إلى اللَّيل. يغدو: يسير في الغداة، وهو الوقت من الصباح إلى الظهر. والداهن:
الذي يتزيَّن بدهن نفسه. يتكحّل: يضع الكحل على عينيه. والمعنىأن
الشاعر ينفي عن نفسه الكسل، ومغازلة النساء، والتشبّه بهنّ في التزيّنوالتكحّل.
وهو يثبت لنفسه، ضمناً، الرجولة.
19- وَلَسْـتُ بِعَـلٍّ شَـرُّهُ دُونَ
خَيْـرِهِ ألَفَّ إذا ما رُعْتَـهُ اهْتَـاجَ أعْـزَلُ
(19) العَلّ:
الذي لا خير عنده ، والصَّغير الجسم يشبه القُراد. ألفّ: عاجزضعيف.
رعتَه: أخفْتَه. اهتاج: خاف. الأعزل: الذي لا سلاح لديه.
20- وَلَسْـتُ بِمِحْيَارِ الظَّـلاَمِ
إذا انْتَحَتْ هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ
(20 ) المِحْيار: المتحيّر. انْتَحَتْ: قصدت واعترضَتْ. الهدى: الهداية،والمقصود
هداية الطريق في الصحراء. الهوجل: الرجل الطويل الذي فيه حمق. العِسِّيف:
الماشي على غير هدى. اليَهْماء: الصحراء. الهَوْجَل: الشديدالمسلك
المَهول. وفي البيت تقديم وتأخير. والأصل: لست بمحيار الظلام إذاانتحت
يهماء هوجل هدى الهوجل العسيف. والمعنى: لا أتحيّر في الوقت الذييتحير
فيه غيري.